الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب ـ قضيّة التيجاني الحدّاد وكمال الـحاج ساسي والـحبـيـب بــن يحيــى: لـماذا يعاقب السّابقون ولا يعاقب اللاحقون؟

نشر في  08 مارس 2017  (10:27)

أصدرت محكمة تونسيّة حكما بسجن التيجاني الحدّاد،  وكمال الحاج ساسي لمدّة ستّ سنوات في ما يعرف بقضية «ماريا كاري».. وللتذكير فقد كان عماد الطرابلسي نظّم حفلين ساهرين أحيتهما الفنّانة الأمريكية «ماريا كاري» ـ بدعوى تخصيص عائداته لفائدة جمعيّة وهمية، وقد نجح الحفلان المبرمجان بتدخّل مباشر من ليلى بن علي.. وقد وقع اتهام التيجاني الحداد الذي كان وزير سياحة بالاذن آنئذ بتسديد معلوم إقامة ماريا كاري في نزل بالعاصمة  في حين اتهم كمال الحاج ساسي وقد كان المسؤول عن صندوق 26ـ26 بالاذن بترويج تذاكر هذين الحفلين..

في البداية أنا أعرف شخصيا السيد التيجاني الحداد لأنّه كان صاحب مطبعة تعاملت مع صحف المعارضة ونشرتها، وكان الحداد ـ مع محسن العياري ـ من أشجع أرباب المطابع زمن بورقيبة.. ثم اصبح وزير سياحة مع بن علي وعلى حدّ علمي لم يضع مليما واحدا في جيبه عند تنظيم حفل ماريا كاري.. والجدير بالملاحظة أنّه الى يومنا هذا تقع استضافة اعلاميين أو سياسيين أو رجال أعمال أجانب وعادة ما تتكفّل بعض الوزارات بكل مصاريفهم، ومن جهة أخرى، وما دام الشيء بالشيء يذكر، نتساءل من أيّ مال سدّدت مصاريف زيارات الدعاة المتشدّدين والداعين للعنف الذين استضافتهم بعض الأحزاب بعد تغير النّظام..

وبخصوص هذه القضيّة نطرح سؤالا لا يختلف في إجابته عاقلان: من هو الوزير الذي كان بإمكانه رفض طلب لليلى بن علي أو لرئيس الدولة زين العابدين بن علي؟ كانت منظومة حكومية برمتها تعمل لفائدة تونس وفي الوقت نفسه لفائدة الطرابلسية وعائلة بن علي والعائلات المصاهرة! في تلك الفترة لم يكن بإمكان أي وزير أو كاتب دولة أو وال رفض طلب من القصر لأنّ الذين في السلطة ودون استثناء يخشون غضب بن علي والعائلات المالكة.. بعد الاطاحة بحكم الزعيم الحبيب بورقيبة كان هناك صنفان من الوزراء: وزراء ينفّذون الأوامر ويخدمون مصالح العائلات المالكة ويرتشون للانتفاع مباشرة بالمليارات، ووزراء ينفّذون أوامر القصر لكنهم يعملون لفائدة تونس ويساهمون في تنمية البلاد! وأمّا الملاحظة الثانية فتتعلّق بالمسؤولين السياسيين بعد تغيير نظام بن علي: من منهم كان قادرا على رفض طلب للرئاسة لو كان وزيرا في العهد السابق؟

على صعيد آخر أنا أعرف ايضا السيد كمال الحاج ساسي ولا أعتقد انّه وضع ولو مليما واحدا في جيبه بمناسبة تنظيم الحفلين المذكورين..
وبالنسبة الى السيد الحبيب بن يحيى فالأمر يخصّ أرضا تابعة لوزارة الدّفاع عندما كان الوزير المشرف عليها فقد اقتناها بن علي لبناء إقامة في سيدي الظريف..
انّ ما لا يرقى اليه ايّ شكّ هو انّ السيد ين يحيى لم يكن قادرا على رفض طلب من قصر قرطاج لأنّ الرفض يتعرّض صاحبه لأكبر الأخطار.. وفضلا عن ذلك، هل  يجوز سجن مسؤول سابق وسنّه اليوم تفوق الثمانين سنة؟ وباسم ماذا يبرّأ المسؤولون السياسيون والوزراء الذين اصبحوا من كبار أثرياء هذه البلاد بعد تغيير نظام بن علي؟
انّي أضمّ صوتي لكلّ من يطالب باعتذار الوزراء الذين أجبروا على تنفيذ أوامر القصر ولم يحصلوا على منافع ومغانم مالية لأنّ الأغلبيّة  الساحقة من الوزراء العرب خضعوا بالأمس ويخضعون اليوم وسيخضعون غدا لأوامر الملوك والرؤساء..

بخصوص قضية السيد بن يحيى أتساءل: أيعقل ان يسجن أحد من أفضل وزراء خارجية تونس والحال انه كان ضحية نظام ولم ينتفع ولو بمليم واحد لشخصه؟! وفي حقيقة الأمر لو تمت محاكمة كلّ من أمضى على وثيقة أو انتفع من النظام السابق لوجدنا نصف الشعب التونسي في السجن، ولو وقعت محاكمة كل من انتفع من النظام منذ 2011 لوجدنا نصف الشعب التونسي الآخر في السجن! وللحدّ أو القضاء على كلّ هذه التجاوزات نحن بحاجة لإرساء ثقافة جديدة وممارسات جديدة وهي مفقودة اليوم رغم كلّ النوايا الحسنة..
أما في ما يخصّ استقالة عبيد البريكي فالأمر يقتضي طرح أسئلة بعد ان اكد الوزير انّ هناك ملفات كبرى ولم تحرك رئاسة الحكومة ساكنا على غرار قضية تقديم ما يناهز 25 مليارا من مليماتنا لرجل أعمال يتعاطى السياسة وله تأثير على بعض الأحزاب، أو قضية المرجان التي وقع القبض على المهربين فيها ثم الافراج عنهم في انتظارمحاكمتهم، أو بعض التصريحات التي زعمت انّ رئيس الجمهورية قد تدخّل في بعض التعيينات دون حقّ.. كيف يمكن للشعب ان يثق بحكومة وجّهت لها كلّ هذه الاتهامات؟
في الختام لابدّ من التنديد بما يجري في كرة القدم التونسية التي انتفت منها المصداقيّة واصبحت نتائج المقابلات تخضع لانحياز بعض الحكام أو لتهديدات بعض المشجّعين المجانين الذين كرّسوا ثقافة العنف والكراهيّة بين الجهات. انّ الانفلاتات والجرائم الرياضية تعكس حالة البلاد والفوضى والتسيب، ثم انّ ما يجري خارج الملاعب وداخلها جريمة كبرى في حق الرياضة والأخلاق، فمتى يزجّ بالمجرمين في السجن، ومتى يتمّ ابعاد «المسؤولين» المتشبّثين بالكراسي والمنافع.. حتى باتت الرياضة بعد تغيير النظام «داخلة في حيط» فهنيئا لبلادنا بهذه المكاسب!
ملاحظة: استمعت الى فيديو مسرّب تهجّم فيه نبيل القروي على حافظ قايد السبسي واستمعت أيضا الى فيديو مسرّب يتحدّث فيه حافظ قايد السبسي ولا أخفي أنّي شعرت بالأسى وأقولها صراحة للأب الباجي: «سامحك الله على هذه «الهديّة».. لقد صوّتُّ لفائدتك ولفائدة حزبك ولكن لم أصوّت لفائدة ابنك ولنظام وراثي كارثي».